/ , / خصائص ومميزات الشخصية المتوازنة

خصائص ومميزات الشخصية المتوازنة


قبل أن ندخل في صلب الموضوع، ارتأينا أن  نُعرف ما هي الشخصية. تُعرف الشخصية بأنها مجموعة من المميزات والصفات والعادات ينفرد بها الشخص و تميزه عن غيره من الناس، و لذلك فإننا نجد أن كل شخص ينفرد بصفات و مميزات خاصة به، و لديه عادات و طقوس معينة تكون جزءاً من شخصيته المستقلة والمتفردة .
غير أن هذه الشخصية تتأثر بأركانها الأساسية (الروح، والنفس، والعقل) سلباً وإيجاباً، فأي خلل في الأركان الثلاثة يؤدي إلى ضعف ملحوظ في جانب من جوانب الشخصية، وذلك حسب المرحلة العمرية، ومستوى الإدراك والاستيعاب والبيئة المحيطة والأصول الفكرية والثقافية. لذا نرى أن الدراسات والعلوم النفسية والاجتماعية والتربوية والإدارية كثيراً ما تتحدث حول هذه الجوانب من الشخصية وذلك لإعطائها شيئاً من الأصول العلمية والشرعية. وتدرس الشخصية بكل أنماطها وخصائصها وضعفها وقوتها للوصول إلى بيان شاف حول تأخر الفرد وارتقائه.
وتُعَرف الشخصية المتوازنة بالشخصية الإيجابية والمقبولة عند الله وعند الناس، فلا بد للمسلم الواعي والتواق لاكتسابها أن يتعرف عليها بغية التحلي بصفاتها وخصائصها.
1. التفاعل المتوازن :
تفاعل الشخص المتوازن مع أي موضوع يكون عقلانيا أي محكوما بالظروف والواقع ودرجة الحاجة ونوعية الموضوع، سواءً كان في مجال من مجالات الحياة أو مع الأشخاص والأشياء. فتسرعه وتهوره في مباشرة أي موضوع دون الأخذ بالظروف المحيطة به، قد يوقعه في عدم التوازن إما إفراطا أو تفريطا، مما قد يخسره الكثير.
2. الإنتاجية :
تعتبر الشخصية المتوازنة،  شخصية منتجة في أغلب الأحيان، وذلك لأنها تتحرك حسب القوانين وسنن الحياة وتستخدم كافة عوامل الخير في ذاتيتها وذلك في سبيل الوصول إلى أهدافها السامية. والإنتاج يأتي حسب المطالب والغايات ووفقها تتحرك الشخصية وتنتج، سواءً كانت في ميدان مادي أو اجتماعي أو سياسي... والأحسن أن تتحرك حسب فقه الأولويات والموازنات.
3. المرونة :
إضافة إلى أن المرونة صفة من الصفات الجذابة، فهي أيضاً تعتبر بمثابة أرضية للصفات الأخرى، لأنها تعطي الشخصية مفاتيح التحكم في أنواع من أساليب التعامل والتفاعل. وبامتلاك هذه الصفة يتمتع الشخصية بالقدرات التالية :
-       القدرة على التكيف والتأقلم.
-       القدرة على التخطيط الواقعي الناجح.
-       القدرة على التعامل في كافة الظروف ومع مختلف النفسيات.
-       القدرة على التغيير الإيجابي.
-       القدرة على مواجهة الصدمات والمفاجآت.
-       القدرة على التحول في مجالات العمل.
-       القدرة على التحكم في الوسائل والأساليب.
4.استثمار التجارب الذاتية والاستفادة من تجارب الآخرين :
تعتبر الشخصيات الناجحة والمبدعة من أكثر الشخصيات التي تستطيع تقييم تجاربها الذاتية وتجارب الآخرين الإيجابية منها والسلبية، فتستعمل وتستفيد من الأولى عبر استثمارها في مجالات مختلفة من الحياة، وتبتعد عن الثانية. وتأتي التجارب حسب اهتمامات الشخصية وحسب الواقع والظروف. فالشخصية المتوازنة تستفيد من كافة الميادين حسب ضرورات الحياة :
-       من حلول للمشاكل،
-       وإنجاح المشاريع،
-       وتسهيل الأمور،
-       وأساليب التعامل،
-       ونوعية العلاقات.
وقد ركز كثيرا المنهج الإسلامي الرباني بمصدريه الكتاب والسنة على هذه الصفة بغية تكوين شخصية مسلمة متزنة يُقتدى بها. حيث يعلمنا القرآن باستمرار أن ندرس ونعتبر ونستفيد من تجارب الرسل عليهم الصلاة والسلام وتجارب الأمم ممن كان قبلنا (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) سورة هود (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الباب). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتصف بهذه الصفة من خلال استثماره واستفادته من تجارب واقعه ومسألة تلقيح الأشجار معروفة في السيرة النبوية. كما كان يحث كثيرا أصحابه بضرب  الأمثال ويتحدث عن الذين كانوا قبلنا سواء كان للاقتداء أو للعبرة مثل الثلاثة الذين دخلوا الغار.
5.التفاعل الاجتماعي :
لأهمية الصفة لا بد من الاهتمام الخاص والمتميز بها، لان الإنسان اجتماعي بالطبع أو أن الطبيعة الاجتماعية تعطي للإنسان صفة العقلانية والروحية والموازين النفسية وكيفية التعامل مع بني جلدته، لذا لابد من التعامل حسب الواقع والمطلوب شرعاً وإنسانياً. ونستطيع أن نقول بأن الصفة الاجتماعية صفة جامعة لأكثر ميادين الحياة وفي كثير من الأحيان هي الأساس وهي المغناطيس العملاق للتجمع والانسجام والتقارب. ولهذا لابد للشخص الواعي أن يتفاعل مع قوانين هذه الصفة ومع هذا العامل الأساسي للقبول والتأثير. ولتسهيل عملية هضم هذا التوجه نقول أن الأسس المتينة في هذا الميدان :
- الشعور بالانتماء الاجتماعي.
- الاهتمام المتوازن بدائرة العواطف.
- القيام بالواجبات الاجتماعية.
- عدم هضم حقوق الحياة الاجتماعية بحجج المشاكل الجانبية.
- تقسيم الدوائر الاجتماعية من الأقرب إلى الأبعد وفق تخطيط متوازن.
- الصبر على المشاكل الاجتماعية وذلك بروحانية عالية وتفاهم واقعي.
6.التوازن بين مجالات الحياة :
لا شك أن كل منا يرتبط بالحياة بارتباطات عدة ومجالات عديدة، فالعاقل المنظم هو الذي يفوز بالتوازن الدقيق والمستمر بين كافة المجالات والاهتمامات، وذلك بنسب متوازنة، أي ليس من المهم أن تتساوى النسب ولكن من المهم الاهتمام الجدي بالنسب المخصصة لأي مجال من مجالات الحياة. على سبيل المثال:  يمكن للتاجر أن يعطي 50% من وقته واهتمامه لمجاله التجاري والاقتصادي، ولا يعطي لمجال الثقافة والمعرفة إلا 10%، ولكن مثل ما ذكرنا بالالتزام الجدي والدقيق على استثمار كل نسبة، ستأتي النتائج موفقة وجيدة. وهكذا بالنسبة لكل المجالات. وأعتقد أن المجالات الرئيسية في الحياة تدور حول البرامج التالية وليس على سبيل الحصر:
-    برامج التربية الذاتية الشاملة من التثقيف ـ والتزكية والتربية النفسية ...
-       برامج ومشاريع المعيشة والكسب الحلال.
-       الوعي المطلوب في عالم السياسة والدعوة ومخططات الأعداء.
-       البرامج الاجتماعية والمهتمة بالحياة الأسرية والعلاقات مع الآخرين،  مع اختلاف للمكانة الاجتماعية والمرحلة العمرية والاهتمامات المرحلية لكل جنس حسب ظروفه.

الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق