/ , / الأيباك: عفوا أمريكا مصالح إسرائيل قبل مصالحكي

الأيباك: عفوا أمريكا مصالح إسرائيل قبل مصالحكي



 تعتبر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك AIPAC)أكبر مؤثر على السياسة الأمريكية، خصوصا الخارجية منها، مما يجعلنا نطرح عدة أسئلة من قبيل كيف لمجموعة صغيرة من هذا القبيل أن تؤثر على صناعة القرار في الولايات المتحدة؟ ولماذا تقدم مصلحة إسرائيل وتتبنى سياساتها؟، رغم أن هذه السياسات قد تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وبالتالي كثيرا ما أحرجتها أمام حلفاءها العرب...

 تأتي هذه الأسئلة، في ظل العلاقات المتوترة بين الرئيس الأمريكي أوباما  ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث دعا رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي جون بوينر رئيس الوزراء الإسرائيلي لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة بالمجلس. هذه الدعوة أتت بُعيد إلقاءه لكلمة أمام المؤتمر الذي نظمته أيباك، والذي اعتبرته الإدارة الأمريكية محاولة مباشرة لتقويض جهود الرئيس أوباما وإدارته في إيجاد حل للـمشكل النووي الإيراني. غير أن هذه الدعوة قوبلت بخطوة غير مسبوقة، قام بها 50 عضوا ديمقراطيا من الكونغرس بمُقاطعة خطاب نتنياهو أمام الكونغرس تضامنا مع رئيسهم.

 دعم الأيباك لـرئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الرئيس الأميركي يدفع بهذا هذا اللوبي المساند لـإسرائيل إلى أحضان الجمهوريين، مما قد يقلص من قدرته على التأثير في القرارات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية لاحقا.
ولمعرفة قوة اللوبي الإسرائيلي بـأمريكا، يورد المختصون في شئون جماعات الضغط عشرة أسباب تجعله الأكثر تأثيرا في السياسة الأمريكية:

1. السعي إلى تقويض المفاوضات الأمريكية الإيرانية بخصوص الملف النووي:
  تسعى الولايات المتحدة الأمريكية مع شركائها الخمس إلى منع إيران من الحصول على أسلحة نووية عبر مفاوضات معقدة بينها وبين الجمهورية الإسلامية. إلا أن الـأيباك وبإيعاز اسرائيلي تسعى إلى تقويض هذه المساعي بمطالبة الكونغرس بفرض عقوبات جديدة على الجانب الإيراني، عبر إقرار قانون كيرك-مينينديز، متعللة في ذلك بعدم  ثقتها في مآل المفاوضات، رغم معرفة هذا اللوبي بأن تفعيل قرار العقوبات قد يقوض كل مساعي إنجاح المفاوضات الأمريكية الإيرانية، مما قد يضع الولايات المتحدة على مسار مواجهة خطيرة و نشوب مزيد من الحروب في الشرق الأوسط، مما دفع أوباما إلى التهديد  باستخدام حق النقض في حال أقر مجلس الكونغرس هذا القرار.

2. دعم بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية في تحد مباشر للقانون الدولي:
  سجل العام الماضي رقما قياسيا من حيث عدد المستوطنين المقيمين بـمستوطنات غير قانونية بـالضفة الغربية، حيث بلغ 350000 مستوطن. ويأتي هذا النوع من الاحتلال الذي ينتهك اتفاقيات جنيف، في ظل مطالبة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بانسحاب المستوطنين من الضفة ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية دون شروط مسبقة، ومنددا بالرفع من وتيرة بناء المستوطنات في عهد رئيس الوزراء نتنياهو وبمباركة من اللوبي الإسرائيلي بـالولايات المتحدة الأمريكية. مباركة أيباك لبناء المستوطنات الإسرائيلية تمثلت في الضغط على الجانب الفلسطيني والمجتمع الدولي، لكي لا تصبح فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. هذه العضوية ستمكن فلسطين من مقاضاة الصهاينة عموما والمستوطنين خصوصا في المحكمة الدولية.

3. دعم الاجتياحات الإسرائيلية لغزة وحصارها:
 ادعت أيباك، على لسان رئيسها روبرت كوهين في لقاء مع الكونغرس في 23 يوليو/ تموز 2014، أن اجتياح إسرائيل لـغزة في صيف عام 2014، عمل مشروع. مدعية بأن هذا الاجتياح كان دفاعا عن النفس ضد حماس والفصائل المقاتلة الأخرى التي تهدد أمن وسلامة إسرائيل.  وقد أسفر الهجوم عن سقوط آلاف القتلى (من بينهم أكثر من 500 طفل)، وتدمير ستة من المدارس والمستشفيات التابعة لـوكالة الغوث الأممية (الأونوروا)، وكذا تدمير 18000 منزل وتشريد 108000 شخص. هذا الدعم لم يكن الوحيد، بل دعم هذا اللوبي اجتياحين سابقين لـاسرائيل، كما أنها مازالت تدعم الحصار الجائر ضد غزة والذي ترك 1.8 مليون من سكان غزة في براثن الفقر والبؤس الشديد.

4. الدعم غير المشروط للحكومة الإسرائيلية:
 صرح الجنرال الأمريكي السابق دايفيد بترايوس، أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية اللامشروط، بضغط من الأيباك، لـإسرائيل في صراعها ضد الفلسطينيين قد أضر بمصالحها وأذكى مشاعر العداء نحوها، مما قد يعرض مصالحها لـهجمات إرهابية قوية. وأضاف نفس الجنرال أنه آن الأوان لكي تكون السياسة الخارجية لأمريكا تعكس المصالح الأمريكية أولا لا المصالح الإسرائيلية، ومقترحا إيجاد حليف قوي بـمنطقة الشرق الأوسط كـإيران مثلا، يستطيع أن يكون معينا للـولايات المتحدة في حربها ضد الدولة الإسلامية. إلا أن هذا الاقتراح لقي معارضة قوية من الإسرائيليين نظرا للكراهية المستحكمة بينها وبين إيران.
  
5. الأيباك يجعل الولايات المتحدة منبوذة في الأمم المتحدة:
 وصف الأيباك الأمم المتحدة كمنظمة معادية لـدولة إسرائيل، حين صوتت أغلبية الدول (138 دولة) بـالجمعية الأممية سنة 2012 على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" مقابل معارضة 9 دول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وعدم التصويت الأمريكي أتى  بعد اعتراض 446 عضو من الكونغرس الأمريكي، جندتهم الأيباك، على عريضة فلسطين للحصول على الاعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة.  
 هذا الدعم غير المشروط لـإسرائيل ضدا في القرارات الأممية والتي تدعو فيه إسرائيل للمساءلة لم يكن الأول، حيث اعترضت الولايات المتحدة منذ 1972 على 45 قرار يدين أفعال إسرائيل ضد الفلسطينيين.

6. محاول تشويه صورة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في عيون المسؤولين الحكوميين الأمريكيين:
 هذا التشويه يتم عبر تنظيم رحلات  مجانية، وفي بعض الأحيان إجبارية، للـأعضاء الجدد بـالكونغرس وزوجاتهم  لـإسرائيل، الغرض منها رؤية ما تريد الحكومة الإسرائيلية لهم أن يروه من جهة، ومن جهة أخرى المساعدة على تعزيز الروابط بين ايباك والكونغرس، وتعزيز نفوذ لا مبرر له.
 هذه الدعوة، والتي تعتبر غير قانونية بالنسبة للـقانون الأمريكي، حيث يمنع أي دعوة لـممثلي الكونغرس من طرف أي جماعة ضغط، تتم عن طريق المؤسسة الأمريكية الإسرائيلية للتعليم IFSA والتي تستخدم نفس عنوان الأيباك ونفس موظفيها.
  
7. مهاجمة كل من سولت له نفسه الهجوم أو انتقاد السياسة الإسرائيلية:
 في إطار دعمها غير المشروط لـإسرائيل، فإن إيباك طالبت بصياغة التشريعات المصوت عليها في الكونغرس من طرف موظفيها. هذا التتبع لـأصوات أعضاء الكونغرس، يستخدم من قبل الجهات المانحة في تقييم مساهماتها للـسياسيين الذين يصوتون في اتجاه مصالحهم.
 وفي حال انتقاد أو عدم دعم التشريعات المقدمة من طرف الأيباك بخصوص السياسة الإسرائيلية، فإن أيباك تقوم باستهداف أعضاء الكونغرس المارقين عبر العمل على عدم إعادة انتخابهم. حيث نذكر من بينهم عضوا مجلس الشيوخ أدلاي ستيفنسون وتشارل بيرسي، وأعضاء مجلس النواب بول فندلي، بيت مكلوسكي، سينثيا ماكيني (سجن سينثيا ماكيني بين 30 يونيو 2009 و 7 يوليو 2009 في سجن إسرائيلي في رام الله، إثر محاولته نقل مساعدات طبية ومواد لـإعادة الإعمار وأقلام للأطفال، ...) وإيرل هيليارد وغيرهم...
 وفي الآونة الأخيرة، رفض العديد من الديمقراطيين علنا حضور الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي ناتنياهو بـمجلس الشيوخ الأمريكي، تضامنا مع رئيس الولايات المتحدة، مما دفع بـالملياردير شيلدون أديلسون قطب العقارات والكازينوهات إلى انتقادهم، ومتعهدا هو ومؤيدو ناتنياهو باستخدام مواردهم وثرواتهم لمعاقبة الديمقراطيين الذين قاطعوا الخطاب المذكور.

8. محاولة إسكات كل صوت ينتقد إسرائيل
تحاول أيباك إسكات أي موقف ينتقد إسرائيل بوصفه بـ"معاد للسامية" أو بـ"كاره لليهود". حيث اتُهم طلبة وأساتذة بـمعاداة السامية  لمجرد اتخاذهم مواقف تندد بـالسياسات التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية. هذه الهجمات عملت على خنق جميع المناقشات والمناظرات الضرورية لـصنع القرار الديمقراطي.

9. المساعدات المقدمة لإسرائيل لا تتأثر بالأزمة الاقتصادية بالولايات المتحدة الأمريكية:
 في ظل تخفيض الميزانيات المخصصة للـمعلمين ورجال الإطفاء والشرطة بالـولايات المتحدة الأمريكية، مازالت الأيباك تحُولُ دون تخفيض المساعدات المقدمة لـإسرائيل والتي تقدر بأكثر من 3 مليارات دولار سنويا، تذهب كلها إلى الجيش الإسرائيلي وتستخدم في الحفاظ على الفصل العنصري القمعي ضد الفلسطينيين.

10. أكبر دعم أمريكي للخارج تحصل عليه إسرائيل:
رغم أنها تحتل المرتبة 24 في سلم أكبر الاقتصاديات العالمية، فإن إسرائيل تحصل على أكبر دعم مالي أمريكي أكثر من أي بلد آخر وذلك بمباركة الأيباك. يأتي هذا الدعم في الوقت الذي قلصت فيه الإدارة الأمريكية من المساعدات المخصصة للـبرامج المخصصة للتغذية وتوفير المأوى وتقديم المساعدة الطارئة لمعظم الفقراء في العالم.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق