/ , / هل التقارب الأمريكي الإيراني سيستنزف السعودية؟

هل التقارب الأمريكي الإيراني سيستنزف السعودية؟



في ظل التقارب الأمريكي الإيراني الأخير واحتفاظ هذه الأخيرة بحقها بالاستعمال السلمي لمفاعلاتها النووية في الأبحاث، نجد أن العلاقات الأمريكية السعودية عرفت مؤخرا فتورا خصوصا بعد التدخل المباشر لهذه الأخيرة وذلك بإجهاد الحراك الشعبي في عدد من الدول العربية كالبحرين ومصر واليمن. والسؤال المطروح: هل الاعتدال الأمريكي بخصوص البرنامج النووي الإيراني جاء كتأديب للسعودية خصوصا أن إيران تعتبر عدوها اللدود في المنطقة؟    
أثار إعلان الكرملين عن رفع الحظر على تسليم المنظومة الصاروخية "إس 300" لإيران، والتي تعادل أو تتفوق على صواريخ باتريوت الأميركية القادرة على إسقاط الطائرات واعتراض الصواريخ، ردود فعل قوية سواء من دول منطقة الخليج وإسرائيل وحلفاءهما. رغم أن تسليم هذا النوع من الأنظمة للنظام المصري لم يحرك كل هذا الكم من ردود الفعل العالمية.
تأتي كل هذه الردود في ظل  أجواء سياسية وإستراتيجية متوترة ومتغيرة في الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي نرى فيه الدهاء الاستراتيجي لإيران حيث استطاعت مناقشة كل الملفات العالقة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية بفضل جلوسهما وجها لوجها في مفاوضات 5 + 1، مما مهد لها الاحتفاظ ببرنامجها النووي ورفع الحظر المسلط عليها من القوى الغربية. هذا الانفراج في العلاقات  الإيرانية الغربية سيقود إلى "تقارب إيراني إسرائيلي حتمي في المنطقة" خصوصا أن إيران تعتبر قوة عسكرية مهددة لأمن إسرائيل من جهة. ومن جهة أخرى، فتركيز طهران على حلول عادلة للملف الفلسطيني في أية محادثات مستقبلية مع إسرائيل، بالإضافة لتحريكها للملفين اللبناني والسوري، سيجعل من إيران دولة إقليمية مؤثرة .

في نفس الوقت، نجد السلطات السعودية، ولكسر النفوذ والتفوق الإيراني في المنطقة، زجت بنفسها في مستنقع اليمن، وربما لوقت طويل، بما يمثله ذلك من استنزاف لمواردها المالية والعسكرية عبر شراء الأسلحة وتقديم الرشوى للـ"حلفاء"، القرار الأممي الأخير والذي يخص اليمن خير مثال، وكذا مساندتها لعدد من الجماعات المسلحة العاملة بالمنطقة كالقاعدة باليمن وجبهة النصرة بسوريا وداعش بالعراق وسوريا، الشيء الذي قد يهددها مستقبلا هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن النجاح الإيراني في الاحتفاظ ببرنامجها النووي وكذا تطوير برامجها العسكرية كان من أبرز نتائجه دخول منطقة الشرق الأوسط وبالأخص السعودية في سباق تسلحي ونووي، أرغم السعودية على تخصيص 300 مليار دولار مستقبلا وذلك  لإنشاء 16 مفاعل نووي  تقول أنها مخصصة  لتوليد الكهرباء والأغراض السلمية فقط، محموم سيستنزف احتياطها المالي مستقبلا.

الشيء الأكيد أنه في حالة التوتر الذي يسود منطقة الشرق الأوسط فإن الخاسر الأكبر من سباق التسلح هي شعوب المنطقة جميعها. فبدلا من أن تساهم هذه المليارات في تطوير جذري للتعليم والصحة والسكن في المنطقة، فإنها تستخدم في الهدم، ولتستولي الدول الكبرى على أموال المنطقة بحجة الأمن.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق